هل أصبحت الأنظمة الرقمية للتأشيرات صيحة العصر؟

تشهد الأنظمة الرقمية للتأشيرات وتصاريح السفر تحولاً مهماً في صناعة السفر، إذ انتقل هذا الأخير إلى تبني الحلول الرقمية التي تسهل العمليات الرقمية وتحسن تجربة العملاء مثل كل القطاعات. علاوةً على ذلك، أدى انتشار جائحة كوفيد-19 إلى تسريع التحول الرقمي عبر زيادة الطلب على إنجاز عمليات السفر عن بعد وبدون تماس. وتعد أنظمة التأشيرات الرقمية واحدة من أكثر الابتكارات شيوعًا التي ظهرت في السنوات الأخيرة، إذ خففت هذه الأنظمة من مخاوف المسافرين من خلال تسهيل إجراءات التأشيرات والهجرة التي عادة ما يتم تأجيلها بسبب التعقيدات الإدارية التقليدية. يسلط هذا المقال الضوء على أنظمة التأشيرة الرقمية وكيفية عملها ومزاياها، بالإضافة إلى القيود القائمة والتطورات المستقبلية.

ما هو مفهوم الأنظمة الرقمية للتأشيرات؟

تشير أنظمة التأشيرات الرقمية إلى مختلف المنصات الإلكترونية التي تستخدمها الحكومات والهيئات المرخصة لمعالجة الطلبات وإصدار التأشيرات الإلكترونية وتصاريح السفر للمسافرين المؤهلين للحصول عليها. وُضعت هذه الأنظمة بديلاً عن طلبات التأشيرات التقليدية الورقية، كما تهدف إلى تسهيل الحصول على تأشيرة بشكل مباشر مع توفير الوقت وتعزيز السلامة.

ورغم اختلاف الأنظمة فيما بينها، إلا أنها تتشارك سمات مماثلة. على سبيل المثال، يتيح عدد من الأنظمة لأصحاب الطلب إكمال وتقديم نماذج طلباتهم عن طريق الإنترنت. وتوفر عدّة طرق لتحميل المستندات المطلوبة وفقًا للتعليمات التي يجدها المتقدمون أثناء تعبئة الطلب، وبدلاً من إبلاغهم بحالة الطلب عن طريق البريد أو الهاتف، يمكن لمقدمي الطلبات استخدام الأنظمة الرقمية للتأشيرات لتتبع وضع التأشيرة الخاصة بهم. وفي حالة قبول طلب تأشيرتهم، تُرسل التأشيرات الإلكترونية مباشرةً إلى مقدم الطلب عن طريق البريد الإلكتروني أو من خلال تنزيلها داخل بوابة النظام الرقمي للتأشيرة.

كيفية عمل الأنظمة الرقمية للتأشيرات

في الوقت الذي يختلف كل نظام تأشيرة عن غيره، يتعين على معظم الأشخاص اتباع الخطوات التالية:

1. العمل على استيفاء متطلبات التأشيرة: يتضمن تقديم مستندات مثل جواز سفر ساري المفعول أو دليل على أموال أو هدف السفر مثل الدواعي الطبية أو الأعمال التجارية.
2.  تعبئة نموذج الطلب عبر الإنترنت: تقديم معلومات مثل معلوماتك الشخصية وبيانات الاتصال ومعلومات عن جوازك سفرك ووجهات سفرك بالإضافة إلى أي مستندات مطلوبة أخرى.
3. دفع رسوم التأشيرة بشكل آمن من خلال البوابة الإلكترونية. في معظم الأوقات، لن يسمح لك النظام بتقديم الطلب حتى تدفع رسوم التأشيرة إلكترونيًا.
4. إرسال طلبك المكتمل مع جميع المستندات المطلوبة. وستراجع سلطات الهجرة طلبك وستقرر الموافقة على تأشيرتك أو رفضها.
5. انتظار قرار الموافقة: تختلف أوقات معالجة التأشيرات الرقمية بشكل ملحوظ، ابتداءًا من الموافقة السريعة التي تتميز بها أنظمة التأشيرات المعجلة، إذ تصل إلى بضعة أسابيع للحصول على تأشيرات معقدة. كما تهدف أنظمة التأشيرات الرقمية إلى منح قرار بسرعة قصوى في غضون ساعات أو أيام معدودة لتسهيل السفر لغرض العمل أو السياحة. وتكمن فائدة الأنظمة الرقمية للتأشيرات في إمكانية التحقق من حالة تأشيرة مقدم الطلب بشكل مباشر من خلال البوابة الإلكترونية.
6. الحصول على التأشيرة الإلكترونية: إن تمت الموافقة على التأشيرة، سوف يستلمها المتقدمون عن طريق البريد الإلكتروني أو رابط الذين يستطيعون منه تحميل هذه التأشيرة عن طريق النظام الرقمي للتأشيرات. كما يوصى للغاية بطباعة هذه الوثيقة والاحتفاظ بها لتقديمها إلى سلطات الحدود عند الوصول.

علاوةً على ذلك، يتعين على مقدمي الطلب التعرف على نظام التأشيرات الرقمية المخصص لهم قبل البدء في عملية تقديم طلبهم.

مزايا الأنظمة الرقمية للتأشيرات

تتمثل الميزة الأساسية في أن المتقدمين يمكنهم التقديم للحصول على تأشيراتهم من أي مكان في العالم متصل للإنترنت، إذ لا يشترط الذهاب إلى مركز طلبات التأشيرة شخصيًا، وبالتالي توفير الوقت والمال.

أما بالنسبة للموظفين العاملين على معالجة طلبات التأشيرات والذين يتعين عليهم النظر في آلاف الطلبات بشكل يومي، فبلا شك أن الأنظمة الرقمية سهلت عملية الحصول على التأشيرة وتيسير إدارتها.

تتمتع التأشيرات الإلكترونية بمزايا أساسية تشمل:

1. سرعة فائقة: يمكن إصدار التأشيرات بسرعة نظراً لتمتع الطلبات بميزة إلكترونية رقمية، إذ لم تعد تتطلب فرز كمية من الأوراق، لذلك يحصل المتقدمون على تأشيراتهم بشكل أسرع.
2. أقل تكلفة:  تعدّالأنظمة الرقمية أقل تكلفة في إدارة التأشيرات، ما يؤدي إلى خفض التكاليف على أصحاب الطلبات ومراكز معالجة التأشيرات الإلكترونية.
3.  تعزيز السلامة: يرسل مقدمو الطلبات معلوماتهم ويدفعون الرسوم عن طريق الإنترنت، ما يعتبر أكثر أمانًا من المستندات والوثائق التي يتم ارسالها عن طريق البريد. لذلك تخفف هذه التأشيرة من مخاطر الاحتيال أو السرقة.
4.  إدارة البيانات بطريقة مثالية: يمكن لمراكز التأشيرات إدارة الحجم الكبير من الطلبات بصورة فعالة من خلال البوابة الإلكترونية. كما تميل الأنظمة الرقمية إلى ابتكار نظام أكثر دقة وفعالية من أي أنظمة أخرى.
5. تسهيل عملية التقديم: تسهل التأشيرات الرقمية عملية تقديم الطلبات بالنسبة للمتقدمين ذوي الاحتياجات الخاصة أو الذين يعانون من محدودية الحركة أو الذين لا يمتلكون قدرات مالية كافية.

بعض الأمثلة للأنظمة الرقمية للتأشيرات

تتوافر الكثير من أنظمة التأشيرات الرقمية وتصاريح السفر الإلكترونية لدى العديد من دول العالم. على سبيل المثال، طبقت أستراليا نظام تصريح السفر الإلكتروني في التسعينيات والذي يعتبر نظامًا فعالًا ومباشرًا، إذ يعالج معظم الطلبات خلال 24 ساعة. كما أطلقت الحكومة الكندية نظام تصريح السفر الإلكتروني الخاص بها عام 2015، ما خفف أوقات الانتظار على نطاق واسع وحرص على إرضاء العملاء وسهّل إدارة طلبات تصاريح الدخول والتأشيرات بشكل عام.

وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة أطلقت النظام الإلكتروني لتصاريح السفر عام 2009، والذي يهدف إلى تسهيل العدد الهائل من طلبات التأشيرة التي يتلقونها يومياً، بالإضافة إلى تعزيز مستوى السلامة. فمن خلال هذه التصاريح، يمكن للمسافرين المعفيين من التأشيرة التقدم بطلب الحصول على تصريح سفر عبر الإنترنت بدلاً من العملية الورقية التقليدية.

أنشأت الهند أيضًا نظام التأشيرات الإلكترونية عام 2014 لتسهيل طلبات التأشيرة للزوار الدوليين. علاوةً على ذلك، تتيح البوابة الإلكترونية للمسافرين تقديم طلبات التأشيرة عن بُعد، إذ يتلقى الكثير منهم جواباً في غضون 72 ساعة. تعتبر سرعة قرار الموافقة الهدف الأساسي الذي دفع الهند لاستخدام التكنولوجيا فائقة التطور لتحسين إجراءات التأشيرة وجذب المزيد من الزوار لأهداف السياحة أو الأعمال التجارية.

التحديات والقيود التي تواجه أنظمة التأشيرات الرقمية

في ظلّ القيود التي تواجهها أنظمة التأشيرات الرقمية مثل كل نظام، يتعين على المتقدمين والراغبين في التقديم أيضاً التعرف على طبيعة عمل تلك الأنظمة والإلمام بها. كما تتعرض الأنظمة الرقمية للتأشيرات إلى الهجمات الإلكترونية وخرق البيانات وسرقة الهوية التي تعرّض المعلومات الشخصية الخاصة بمقدمي الطلبات إلى خطر استخدامها للأغراض الاحتيالية.

وعلى الرغم من تعدد مزايا أنظمة التأشيرات الرقمية، إلا أنها تحتمل بعض المشاكل كأي تقنية أخرى. يمكن أن تتعرض البوابات الإلكترونية للتوقف المفاجئ، كما يتعذر على المتقدين من ذوي الدخل المنخفض الحصول على تأشيرات نتيجة غياب الاتصال الموثوق بالإنترنت أو عدم امتلاك جهاز يمكن استخدامه لتقديم الطلب عبر الإنترنت. من جهة أخرى، لا يستطيع أصحاب الطلب من ذوي الإعاقة الوصول إلى هذه البوابات الرقمية، وبالتالي أثرت هذه الأنظمة سلباً على الكثير من المتقدمين بحيث لم يستفيدوا من هذه العملية البسيطة.

ويكمن الخبر السار في توافر حلول لهذه التحديات: من خلال اتباع ميزات الأمن الحديثة، لن تواجه الأنظمة عن طريق الإنترنت الكثير من الانقطاعات بعد الآن، بحيث تضمن قدرة ذوي الاحتياجات الخاصة على استخدام بوابات التأشيرات الإلكترونية. كما ستسمح الميزات الأخرى لمزيد من الأشخاص بالتقدم عبر الإنترنت، ومن الممكن أن تفيد هذه التغييرات عملية التقديم بصورة كاملة. وفي ظل التحسينات المتطورة، تتمتع التكنولوجيا الحالية بالقدرة على تخفيف المشكلات وزيادة الفوائد من خلال إدارة البوابات الرقمية بشكل مدروس، حتى يتمكن جميع المتقدمين من استخدامها والوصول إليها. كما يمكن الاعتماد على الأنظمة الرقمية للتأشيرات لتقليل التحديات واتباع أنظمة السلامة لحماية المعلومات الدقيقة، بالإضافة إلى إمكانية تحويل عملية طلب التأشيرات وتصاريح السفر وتحسينها للمتقدمين والموظفين على حدٍ سواء.

مستقبل الأنظمة الرقمية للتأشيرات

أتاح التطور التكنولوجي فرصة استخدام الأنظمة الرقمية للتأشيرات التي استفادت من التطورات والابتكارات. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام مثل التعرف على التطبيقات الاحتيالية والإجابة على أسئلة مقدمي الطلب وتحليل أنماط البيانات بالإضافة إلى تتبع الخوارزميات.

وتعد تقنية سلسلة الكتل آلية متقدمة أخرى، بحيث يمكنها تخزين بيانات طلب التأشيرة بشكل آمن عن طريق إنشاء سجل حسابات ثابت وغير قابل للتغيير لتتبع جميع معلومات التأشيرة ومعاملات الطلبات الأخرى. ويُحتمل تحسين تطبيقات الهاتف المحمول في المستقبل، ما يوفر لمقدمي الطلبات القدرة على إرسال طلباتهم وتلقي تحديثات في الوقت الفعلي بسهولة.

وتتوفر أيضاً تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز التي تسمح للمتقدمين بإجراء مقابلات عبر الإنترنت، و”زيارة” البلد افتراضياً قبل السفر أو طلب المساعدة من مراكز طلبات التأشيرة عن بُعد أثناء عملية تقديم الطلب.

الخلاصة

طورت الأنظمة الرقمية للتأشيرات وتصاريح السفر عملية التقديم لعدد معين من أنواع التأشيرات. تتمتع إجراءات هذا النوع من التأشيرات بالكفاءة العالية، منها انخفاض كلفتها وتوفرها لجميع الأشخاص في البلدان التي تستخدم هذا النوع من التأشيرات. كما تمنح أنظمة التأشيرات الرقمية لمقدمي الطلب فرصة الحصول على التأشيرة واستلامها من دون مواجهة التعقيدات الإدارية لعمليات التأشيرة الورقية التقليدية. ومن المتوقع أن تتمكن هذه الأنظمة الإلكترونية من الاستثمار في الابتكار، والاستفادة من الفرص والإمكانات التي توفرها عبر دمج التقنيات الرقمية المبتكرة في برامجها وتحسينها بشكل أساسي. لذلك، ستركز شركات التطوير على أرقى معايير وأنظمة الأمان والأتمتة لتعزيز تجربة المسافر ودعم النمو الاقتصادي والتنمية.