قواعد جديدة لتنظيم حركة السفر والتنقل بين دول منطقة شنغن
تمضي الدول الأوروبية الست والعشرون في منطقة شنغن في طريقها لتبني مجموعة جديدة من القواعد المنظمة لحرية السفر والتنقل في المنطقة وكذلك قواعد الدخول للقادمين من الخارج، للمساعدة في توحيد الجهود عند مواجهة خطر يهدد أمنها مثل وباء كورونا. وتتعلق أبرز تلك القواعد بإمكانية فرض قيود سفر جديدة، ووضع ضمانات إضافية لحماية أمن المنطقة ضد التهديدات الخارجية، وكذلك التنسيق بشأن عمليات الرقابة والقيود على الحدود الداخلية.
منطقة شنغن هي تلك المنطقة الأوروبية الشاسعة التي تتكون من 26 دولة تجمعها اتفاقية تاريخية تزيل الحدود الداخلية وتسمح بحرية السفر فيما بينها دون قيود. ويعمل هذا التكتل معًا وكأنه دولة واحدة مما يتيح لكافة المواطنين وغير المواطنين في الاتحاد الأوروبي، وكذلك للبضائع، بالتنقل بحرية دون التعرض للرقابة الحدودية للدول الفردية، بل ودون الحاجة إلى جواز سفر.
يحاول هذا التحالف وضع أساليب جديدة للمساعدة في جهود التنسيق المشترك. لكن المشكلة تكمن في أن السفر من بلد إلى آخر كان له تأثير بالغ على مدى سرعة انتشار فيروس كورونا ومدى القدرة على السيطرة عليه. ولهذا أعلنت المفوضية الأوروبية في يوم 14 ديسمبر 2021 عن قواعد جديدة تأمل من خلالها في تعزيز أمن المنطقة، مع وضع خطة للتعامل مع التهديدات المستقبلية المحتملة، سواء كانت تهديدات إرهابية أو وبائية.
لم يكن وباء كورونا هو التحدي الأول الذي واجهته المنطقة في السنوات الأخيرة، حيث شهد عام 2015 تعرض المنطقة لأزمة لاجئين شكلت ضغطًا على بعض الدول الأعضاء مما اضطرها لإعادة فرض الرقابة الداخلية على الحدود، بما يتعارض تمامًا مع المبدأ الرئيسي الذي تقوم عليه منطقة شنغن. بعد ذلك بوقت قصير أدت الهجمات الإرهابية المستمرة والتهديدات التي واجهتها أوروبا إلى تشديد الضوابط من جديد. وخوفًا من أن يتحول تهديد فيروس كورونا ليكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لوحدة منطقة شنغن ومبدأ حرية الحركة بها، فإن المفوضية الأوروبية تأخذ زمام المبادرة على أمل إعادة تجديد الثقة بين دول المنطقة.
“منطقة شنغن تعتبر بمثابة العنصر الجوهري في مجال الحرية والأمن والعدالة وهي عنصر ضروري كذلك لعمل السوق الموحَّدة. وقد عادت فكرة تأسيسها بالعديد من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية الهامة للمجتمع الأوروبي.” وذلك وفقًا لما ذكرته المفوضية الأوروبية في أحد تقاريرها.
الخطوة الأولى التي تسعى المفوضية إلى اتخاذها تتمثل في إعادة النظر في قانون شنغن للحدود. الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تعمل بها المنطقة على النحو المنشود هي تطبيق القواعد بشكل موحد في جميع الدول والحدود. حيث أن اتخاذ حكومة أي دولة بالمنطقة لقرارات فردية بفرض قيود أو تشديد الرقابة الحدودية يقوض قوة التكتل. ومن هذا المنطلق تأمل المفوضية العمل على تعزيز الأمن على الحدود الخارجية للدول حتى تتمكن من تسهيل التنقل فيما بين حدودها الداخلية بأمان.
خلال الوباء كان هناك تنسيق حول منع المسافرين القادمين من الدول الثالثة ذات الأوضاع الوبائية غير المستقرة، وتم الاتفاق على تحديد قائمة بالدول التي ينبغي أن ترفع المنطقة قيود السفر غير الضروري عنها. ورغم ذلك فلم تلتزم جميع الدول الأعضاء بتلك القائمة بشكل دقيق. وتأمل المفوضية الأوروبية في تصحيح ذلك الأمر مؤكدةً مرة أخرى على أهمية الثقة المتبادلة حتى تتمكن المنطقة من مواصلة العمل المشترك. من بين القواعد الجديدة المقترحة أن الإجراءات المتخذة على الحدود الخارجية يجب أن تطبق بشكل موحَّد من جميع الدول الست والعشرين الأعضاء في منطقة شنغن.
هناك قاعدة أخرى ليست جديدة بالأساس ولكن يتم التأكيد عليها مجددًا وهي عدم اللجوء إلى فرض رقابة على الحدود الداخلية بين الدول إلا كخيار أخير. تقول المفوضية أن أي دولة من الأعضاء تعتقد أنها قد تحتاج إلى تطبيق الرقابة الحدودية الداخلية لأكثر من 6 أشهر يجب أن تقوم بإجراء تقييم للمخاطر. وفي حالة تمديد القيود لمدة ثمانية عشر شهرًا فسوف تخضع للمراجعة من قبل المفوضية، والتي ستصدر بعد ذلك رأيها حول ما إذا كانت تلك الرقابة الحدودية ضرورية ومتناسبة مع الوضع أم لا. كما أعلنت المفوضية في يوم 14 ديسمبر أنه في جميع الأحوال لا يجب أن تظل أية قيود أو رقابة على الحدود الداخلية سارية لأكثر من سنتين إلا في حالات محددة للغاية.
وللمساعدة على استمرار العمل بهذه القاعدة، ناقشت المفوضية مجموعة من “التدابير البديلة” التي من شأنها تعزيز الأمن دون إغلاق الحدود الداخلية. وتحديدًا تقول المفوضية إن الدول الأعضاء ينبغي أن تطبق الصلاحيات العادية لسلطات الشرطة وعمليات التحقق الشرطية والتعاون الأمني بين الدول بدلًا من إغلاق حدودها ومنع حرية التنقل عبرها. كذلك ينبغي أن تلجأ الدول أولًا لتشديد فحوصات الصحة العامة بدلًا من الاتجاه مباشرةً لإغلاق الحدود.
للتأكد من تحقيق هذه القواعد للغاية المنشودة منها، دعت المفوضية إلى تحسين التعاون والتواصل والتنسيق بين أجهزة الشرطة وإدارات الصحة العامة في مختلف البلدان المعنية.
وتضيف المفوضية في تقريرها أن “جميع الحلول المقترحة في الميثاق الأوروبي الجديد بشأن الهجرة واللجوء ستساهم في إدارة فعالة للهجرة وتعاون أوثق وتقاسم المسؤولية بين الدول الأعضاء والالتزام بإطار عمل موحد، وبالتالي تعزيز منطقة شنغن”.
ومع ذلك فلا تركز المفوضية فقط على هذه الخطط الأساسية والبديلة. بل إن إحدى القواعد الجديدة المقترحة تقضي بأنه يجب على الدول الأعضاء وضع خطط طوارئ في حالة تعرضها لتهديد يؤثر على غالبية هذه الدول وعدم تمكنها من التعامل معه على النحو المبيَّن من قبل. في هذه النقطة تدرك المفوضية الأوروبية أن الدول الفردية قد تضطر إلى القفز من السفينة لمواجهة التهديدات الوشيكة التي لا قبل لها بها. ورغم ذلك فينبغي أن تستمع جميع الدول للأعضاء الآخرين الذين يمكنهم اقتراح الحلول الممكنة، وينبغي أن تظل الرقابة على الحدود الداخلية منظمة بشكل موحد قدر الإمكان للحيلولة دون امتداد التهديد إلى الدول الأخرى.
ومن جهتها قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون: “لقد أظهرت الجائحة بوضوح شديد أن منطقة شنغن هي مقوّم أساسي لاقتصاداتنا ومجتمعاتنا. عن طريق هذه المقترحات التي قدمناها اليوم سوف نضمن عدم اللجوء إلى فرض قيود على الحدود الداخلية إلا كحل أخير، بناءً على تقييم مشترك وألا يمتد ذلك الإجراء سوى للفترة اللازمة فقط لا أكثر. ونحن بهذا نقدم للدول الأعضاء الحلول والأدوات اللازمة للتصدي للتحديات التي تواجهها، ونعمل في الوقت نفسه على ضمان إدارة الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بشكل موحد، بما في ذلك في الحالات التي يتم فيها استغلال المهاجرين لأغراض سياسية.”
هذه القواعد الجديدة المُشار إليها سوف تسري على جميع الدول الأعضاء في منطقة شنغن وهي:
- إسبانيا
- إستونيا
- البرتغال
- التشيك
- الدنمارك
- السويد
- ألمانيا
- المجر
- النرويج
- النمسا
- اليونان
- آيسلندا
- إيطاليا
- بلجيكا
- بولندا
- سلوفاكيا
- سلوفينيا
- سويسرا
- فرنسا
- فنلندا
- لاتفيا
- لوكسمبورغ
- ليتوانيا
- ليختنشتاين
- مالطا
- هولندا