يمكن تعريف التأشيرة أو الفيزا على أنها وثيقة رسمية تصدرها السلطات المعنية في الدول والأقاليم والمناطق المختلفة لكي تمنح شخصاً أجنبياً الإذن بدخول أراضيها والإقامة فيها لمدة محددة. ويرجع أصل كلمة (فيزا) إلى اللغة اللاتينية حيث يعني المصطلح (charta visa) أنه تم الاطّلاع على الأوراق. في أغلب الأحيان تكون التأشيرة عبارة عن ملصق أو ختم يتم إرفاقه في جواز السفر، وفي أحيان أخرى تكون عبارة عن وثيقة إلكترونية يمكن تنزيلها عبر الإنترنت.
تتضمن التأشيرة في المعتاد بعض المعلومات الشخصية لحامل التأشيرة مثل الاسم ورقم جواز السفر، بالإضافة إلى بعض المعلومات المحددة لها مثل رقمها وتاريخ انتهاء صلاحيتها ومدة الإقامة التي تتيحها، كما أنها قد تتضمن شروطاً محددة مثل عدد مرات الدخول المسموح بها خلال فترة صلاحية التأشيرة.
بوجهٍ عام، هناك العديد من أنواع التأشيرات التي تصدرها مختلف دول العالم، يختلف كل نوع عن الآخر بحسب الغرض الذي يتم إصداره من أجله واللوائح المنظمة لإجراءات إصداره واستخدامه. ومن أجل سهولة المقارنة بين الأنواع المختلفة من التأشيرات وفهم الطبيعة المميزة لكل تأشيرة بصورة أوضح فإنه يمكن تصنيف التأشيرات بحسب العديد من المعايير، مثل الغرض من السفر وفئات الأفراد المخصصة لهم، أو مدة الصلاحية والإقامة التي تسمح بها، أو عدد مرات الدخول (عدد السفرات) المتاحة لحاملها، أو إجراءات التقديم وطريق الحصول عليها.
تجدر الإشارة إلى أن بعض الدول تصدر أنواعاً أخرى من التأشيرات لأغراض مختلفة بحسب مخططات وأنظمة التأشيرة لديها مثل التأشيرات الإنسانية والتأشيرات الدبلوماسية وتأشيرة الخروج والعودة وتأشيرة العمل أثناء العطلة وتأشيرات العمل الحر وتأشيرات المهاجرين والتأشيرات الدينية كتأشيرات العمرة والحج وغيرها. كذلك ينبغي الأخذ في الاعتبار أن بعض أنواع التأشيرات التي تصدرها الدول قد تشمل عدة أغراض في الوقت نفسه، مثل بعض تأشيرات السياحة التي قد يمكن استخدامها أيضاً لأغراض الأعمال أو زيارة العائلة أو حضور الدورات الدراسية القصيرة أو حتى تلقي العلاج الطبي في بعض الأحيان. لذلك ينبغي على المسافرين تحديد نوع التأشيرة المناسب لهم بحسب الغرض (أو الأغراض) من وراء رحلتهم.
ينبغي الانتباه إلى أن مسميات تأشيرات الإقامة الطويلة والدائمة قد تختلف من دولة لأخرى، كما أن بعض البلدان تفضل استخدام تسمية (تصاريح الإقامة) لوصف هذه النوعية من الإقامات وتقصر استخدام مصطلح (تأشيرة) على أذونات الدخول وتأشيرات الزيارة القصيرة.
تختلف المستندات والمتطلبات اللازمة للحصول على التأشيرة بحسب نوع التأشيرة ومكان التقديم والدولة التي يتم تقديم الطلب إليها. لكن في الغالب يحتاج المتقدمون للحصول على التأشيرات إلى توفير المستندات والمواد التالية:
تعتبر رسوم التأشيرة أحد المتطلبات الأساسية عن التقديم للحصول على أي تأشيرة. تحدد الدول ما هي الرسوم التي ينبغي على المتقدمين دفعها للحصول على كل نوع من التأشيرات، وقد تختلف الرسوم باختلاف جنسية المتقدمين بناءً على مبدأ المعاملة بالمثل. كذلك قد تقوم السلطات القنصلية بتخفيض الرسوم لبعض فئات المتقدمين مثل الأطفال أو الطلاب أو إعفائهم بالكامل من تلك الرسوم، مثلما هو الحال في تأشيرة شنغن على سبيل المثال.
كذلك تحدد السلطات القنصلية ما هي العملة التي تقبل دفع الرسوم بها، وما هي وسائل الدفع المقبولة لديها، والتي تختلف بحسب مكان وطريقة التقديم. كذلك قد يفرض مقدمو خدمات التأشيرات رسوماً إضافية نظير بعض الخدمات مثل المساعدة في تقديم الطلبات بالصورة الصحيحة والتحقق من المستندات ودقة المعلومات المقدمة وغيرها.
تتنوع طرق التقديم التي يمكن من خلالها الحصول على التأشيرات بحسب الوجهة ونوع التأشيرة ومكان التقديم. بعض التأشيرات يمكن الحصول عليها عبر الإنترنت بالكامل، وبعضها يستلزم التقديم ورقياً من خلال السفارات أو القنصليات أو مراكز طلبات التأشيرة، والبعض الآخر يجمع بين هذا وذاك حيث يمكن بدء إجراءات التقديم إلكترونياً ثم الذهاب شخصياً إلى جهة التقديم استكمال الطلب أو حضور مقابلة شخصية. وبوجه عام يمكن تلخيص الخطوات المشتركة التي تنطوي عليها أغلب طلبات التأشيرات بوجه عام في النقاط التالية:
بعد استيفاء المتطلبات اللازمة وتقديم طلب التأشيرة سوف يكون على المتقدمين انتظار صدور القرار بشأن طلباتهم. يمكن أن تتفاوت مدة معالجة طلبات التأشيرة تفاوتاً واسعاً، حيث قد تتراوح من دقائق معدودة إلى بضعة أيام، وقد تصل إلى أشهر عديدة في بعض الحالات. هناك العديد من العوامل التي تحدد المدة التي تستغرقها معالجة الطلبات، مثل نوع التأشيرة ووجهة السفر ومكان التقديم والتحقق الأمني وطبيعة الطلب المقدم ومدى اكتمال المستندات والمعلومات المطلوبة وعبء العمل لدى الإدارات القنصلية المسؤولة عن تلقي ومعالجة الطلبات. وكذلك قد تساهم عوامل مثل أيام العطلات ومواسم الذروة للسفر في تأخير إصدار القرار.
قد توفر بعض الدول خياراً للمتقدمين لأنواع معينة من التأشيرات يتيح لهم إمكانية الاستفادة من المعالجة السريعة لطلباتهم إما مقابل رسوم إضافية أو في حالة إثبات أن سفرهم عاجل وضروري أو لا يمكن تأجيله مثل في حالة التأشيرات الدراسية التي تقتضي الانتظام في الدراسة بحلول موعد معين، أو في حالة الطوارئ العائلية أو الحالات الإنسانية.
يمكن تعريف صلاحية التأشيرة على أنها المدة التي يمكن استخدام التأشيرة خلالها. وغالباً ما يمكن أن تعني مدة صلاحية التأشيرة أحد أمرين: إما أنها تكون صالحة لفترة ممتدة تغطي أقصى حدود مدة الإقامة المسموح بها. أحد الأمثلة على هذه الحالة هي تأشيرة شنغن من فئة الدخول المتعدد التي تصدر بصلاحية قد تصل إلى عام أو أكثر، حيث يمكن لحامل هذه التأشيرة السفر إلى منطقة شنغن باستخدامها كلما أراد ذلك خلال مدة صلاحيتها طالما أنه لم يتجاوز أقصى مدة للإقامة القانونية في منطقة شنغن (90 يوماً خلال فترة 180 يوماً). الحالة الثانية لصلاحية التأشيرة هي صلاحية الاستخدام قبل الدخول الأول، وتعني المدة التي يجب على حامل التأشيرة استعمالها خلالها في السفر إلى وجهته. أحد الأمثلة على هذا الأمر تأشيرات الإمارات العادية التي تكون صالحة في العادة لمدة شهرين من تاريخ إصدارها، أي أنه يجب على حاملها استخدامها دخول دولة الإمارات خلال تلك المدة وإلا فإن التأشيرة ستكون غير صالحة.
من ناحية أخرى فإن مدة الإقامة يقصد بها المدة التي يمكن لحامل التأشيرة بقاءها في دولة وجهته باستخدام التأشيرة. لتوضيح الفرق بين صلاحية التأشيرة ومدة الإقامة، يمكن أن نضرب مثلاً بتأشيرة متعدد الدخول صالحة لمدة ستة أشهر ولمدة إقامة 90 يوماً. هذا يعني أن حامل هذه التأشيرة يمكنه استخدامها في السفر عدة مرات خلال الستة أشهر (صلاحية التأشيرة) طالما أن إجمالي فترات بقائه خلال تلك الرحلات لا يتجاوز 90 يوماً (مدة الإقامة). تجدر الإشارة إلى أن بعض أنواع التأشيرات لا يتم تحديد مدة الإقامة بها وإنما يتحدد ذلك بناء على قرار مسؤولي الجوازات عند منفذ الدخول، أحد الأمثلة على ذلك التأشيرة السياحية الأمريكية (B2).
لا يحتاج كل المسافرين إلى تأشيرة عند السفر، حيث تسمح غالبية الدول للمسافرين الأجانب من بعض الجنسيات المحددة بإمكانية السفر إلى بدون تأشيرة لأغراض محددة أو وفق شروط محددة. قد يأتي هذا الإعفاء من التأشيرة بناءً على اتفاقيات متبادلة بين الدول، أو قد تمنحه بعض الدول بقرار أحادي للمسافرين من جنسيات بعينها. تمنح هذه الميزة للمسافرين حرية كبيرة تسهِّل عليهم التخطيط للرحلات وتخلصهم من قيود السفر، كما توفّر الوقت والجهد اللذين يتطلبهما الحصول على تأشيرة.
تختلف الوجهات المتاحة للسفر إليها بدون تأشيرة وعددها بحسب جواز السفر الذي يحمله الشخص المسافر. مع الأخذ في الاعتبار أن هناك جوازات سفر أقوى من غيرها فيما يتعلق بحرية السفر بدون تأشيرة، مما يعني أنه كلما زادت قوة جواز السفر كلما أتاح لحامله إمكانية دخول عدد أكبر من الوجهات من دون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة. وبالتالي فإن أقوى جواز سفر في العالم هو الجواز الذي يمنح حامليه أعلى مستوى من حرية التنقل على الصعيد العالمي ويتيح لهم القدرة على السفر إلى أكبر عدد من وجهات السفر بدون الحاجة إلى تأشيرة مسبقة.
وفقاً لأنظمة التأشيرات التي تضعها كل دولة فإن بعض التأشيرات يمكن تمديدها أو تجديدها أو تغييرها من أجل البقاء لمدة أطول بعد انتهاء مدة الإقامة الممنوحة، بينما هناك أنواع أخرى يجب على حاملها المغادرة فور انتهائها من دون أن تتوفر له إمكانية لتمديد التأشيرة أو تجديدها أو التحويل إلى فئة أخرى من التأشيرات. فيما يلي توضيح لما تعنيه تلك المصطلحات وأبرز الاختلافات بينها:
في حالة عدم مغادرة المسافر بعد انتهاء صلاحية تأشيرته أو بعد انتهاء مدة الإقامة المسموح بها بموجب التأشيرة من دون القيام بتجديدها أو تمديدها أو تحويلها إلى نوع آخر فإنه يكون بذلك قد تجاوز مدة التأشيرة (كسر التأشيرة). يعتبر تجاوز مدة التأشيرة انتهاكاً لقوانين الهجرة ويمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة مثل حظر الدخول مرة أخرى أو الترحيل أو مواجهة الغرامات والعقوبات القانونية. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يؤثر تجاوز مدة التأشيرة سلباً على طلبات التأشيرة المستقبلية ليس في الدولة المصدرة للتأشيرة وحدها وإنما قد يمتد ليشمل عدد كبير من دول العالم، حيث إنه يثير المخاوف بشأن نوايا الفرد ومصداقيته. من المهم أن يكون المسافر على دراية بتاريخ انتهاء صلاحية تأشيرته وأن يحرص على اتباع القواعد واللوائح المعمول بها في البلد الذي يزوره لتجنب تجاوز مدة التأشيرة.
فيما يلي مجموعة من أبرز النصائح والملاحظات التي يمكن أخذها في الاعتبار عند التقديم للحصول على أي تأشيرة من أجل زيادة فرص نجاح الطلب:
هناك العديد من الأسباب الشائعة لرفض طلبات التأشيرة مثل عدم اكتمال المستندات والوثائق المقدمة أو عدم الاستقرار المالي أو عدم التمكن من استيفاء معايير الأهلية أو المخاوف المتعلقة بعدم العودة بعد انتهاء التأشيرة أو امتلاك سجل جنائي أو انتهاك سابق لقواعد الهجرة أو تجاوز مدد التأشيرات. بشكل عام تريد السلطات القنصلية التأكد من أن مقدم الطلب لديه أموال كافية لتغطية نفقاته أثناء الرحلة والاطمئنان إلى صدق نية مقدم الطلب بالعودة إلى وطنه بعد انتهاء الزيارة. كذلك يحتاج المسؤولون عن معالجة الطلب إلى التأكد من أن المتقدم لا يشكل تهديداً لأمن البلاد.
في بعض حالات رفض طلبات التأشيرة قد يكون لدى المتقدمين الحق في استئناف القرار، اعتماداً على لوائح الهجرة لدولة الوجهة. تتضمن عملية الاستئناف في العادة عدة خطوات، بما في ذلك على سبيل المثال فهم سبب الرفض واستكمال المستندات الداعمة الإضافية وكتابة خطاب استئناف رسمي يفنّد أسباب الرفض، وتقديم الاستئناف إلى السلطة المعنية. من المهم التأكد من أن خطاب الاستئناف مكتوب جيداً وموجز ويتناول الأسباب المحددة لرفض التأشيرة. قد يحتاج بعض المتقدمين أيضاً إلى طلب المشورة القانونية أو المساعدة من مستشاري التأشيرات أو محاميي الهجرة. كذلك قد تتيح بعض الدول فرصاً أخرى لتقديم استئناف جديد أو طلب المراجعة القضائية أمام المحاكم المختصة لديها.